













كتابنا

من الواضح أن المواطنين لا يحتاجون إلى معجزات ليؤمنوا أن ثمة دولة، بل ربما وجود مؤشرات إيجابية من شأنها أن توحي لديهم بأن هناك دولة حقيقية. هناك أفق، ولهذا، كان لتحسن أسعار صرف الريال اليمني خلال الأيام الماضية تأثير بالغ، تجاوز لغة الأرقام إلى لغة النفوس، خصوصًا بعد المعاناة المعيشية البالغة..

في خضم موجة الغضب الشعبي المفهومة، والمشروعة، ضد غول الأسعار، انطلقت حملات تدعو لمقاطعة التاجر، وعلى رأسهم القلعة التجارية التي نشأنا على منتجاتها. والهتاف الموحد يقول: "التاجر هو العدو".

استكملت عصابة الحوثي مهمة إهدار حياة خصومها من كل أطياف المجتمع، ولم يتبق أمامها إلا التربويين ليصبحوا ثمرة الموسم للاعتقال والاختطاف وتلفيق التهم، والزج بهم في غياهب السجون، كونهم يمثلون شريحة كبيرة وهامة

لعلنا لا نجافي الحقيقة حين نقول إن التحشيد الجماهيري الذي تمارسه عصابة الحوثي بات أداة مرعبة لا تُستخدم فحسب لاستعراض القوة، وإنما لإخضاع الوعي، وترويض العقول، وتطويع الجموع ضمن مشروع شمولي لا يعترف بالتنوع، ولا يفسح مجالًا لحرية الاعتقاد أو التفكير.

قبل 11 سنة كانت اليمن عبارة عن دولة واحدة ضعيفة، ودولة حوثية صغيرة في صعدة، ثم أسقطت دولة الحوثي الدولة اليمنية ومزقتها شر ممزق، تمزيق لم يسبق له مثيل في التاريخ اليمني، أنتج سلسلة لامتناهية من الدويلات اليمنية غريبة الشكل والمضمون.

اختفى الطالب اليمني فجأة في باكستان. المثير للقلق أن المختفي منذ ثلاثة أشهر، هو أحمد الشرعبي، رئيس اتحاد طلاب اليمن في باكستان، أي أنه ليس مواطناً مغموراً أو مغترباً يكدح محتاطاً من المؤسسات التي تلاحق المخالفين والمقيمين بطرق غير شرعية.

في كل منعطف جديد من سلوك مليشيا الحوثي، تتجلى فلسفة الرعب باعتبارها الأداة الوحيدة التي بقيت للجماعة كي تبسط حضورها القسري على حياة اليمنيين. لم تعد عمليات الاختطاف تعبيرًا عن طيش أمني أو رد فعل ارتجالي، بل تحوّلت إلى سياسة ممنهجة، تستهدف إعادة صياغة الإنسان اليمني بوصفه تابعًا فاقدًا للذات.

تعز تقف وحيدة ضد أشنع تطرف في الوعي السياسي والاجتماعي والثقافي؛ حقدٌ عليها، واتهامٌ لها، وانتقامٌ منها، وتشفٍّ بأوجاعها، وتخوين لبطولاتها، واحتقار لتضحياتها، وازدراء من ثقافتها وهويتها، وتهويل لإشكالياتها، وتعرية لأخطائها، وتأليب مستميت لكسرها،

أحدهم سأل: ماذا لو كنت إلهاً، ماذا كنت لأفعل لغزة؟ سؤال خيالي يتجاوز قدرة البشر. لكن لنسأل ما هو أقرب وأكثر جدوى: ماذا لو كنت قائداً عربياً له قرارًا ومقدرات؟ أليس هذا أكثر واقعية وفاعلية؟